يُعرف محمد بن راشد آل مكتوم برؤيته الطموحة وقيادته الملهمة التي ساهمت في تحويل الإمارات إلى مركز عالمي للتقدم والابتكار بصفته حاكم دبي ونائب رئيس الدولة، لم يقتصر دوره على الإدارة الحكومية فقط، بل امتد ليشمل دعم المشاريع التنموية، وتشجيع الابتكار، وتمكين الشباب لتحقيق طموحاتهم في هذا المقال نُسلط الضوء على سيرة محمد بن راشد آل مكتوم مُبرزين دوره في خدمة الإمارات وتطويرها.

من هو محمد بن راشد آل مكتوم

محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم هو نائب رئيس دولة الإمارات العربيّة المُتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دُبي ووزير الدفاع في دولة الإمارات العربيّة المُتحدة، وُلد في 15 يوليو 1949، ترعرع في كنف عائلة آل مكتوم الحاكمة لإمارة دُبي في منزلهم الكائن في الشندغة ويُذكر أنّه ينتمي إلى عائلة آل مكتوم التي تنتمي من حيث النسب إلى قبيلى البوفلاسة التي تُعتبر أحد فروع قبيلة بني ياس التي تُعرف بسيطرتها ونفوذها على هذه المنطقة قديمًا ومكانتها الرفيعة، يشتهر بحبّه العميق للخيول وتعلقه بها ويُعتبر من الفرسان الموهوبين والمُتميّزين، وفاز بالعديد من منافسات سباقات التحمّل الدوليّة وكان دائم الحضور لسابقات الخيول المحليّة والعالميذة.

تعليمه

اعتاد جدّه الشيخ سعيد على عقد مجلسه اليوميّ على مقاعد خشبيّة قرب مدخل منزلهم في الشندغة فأتاحت هذه الإجتماعات فرصة التعلّم من خبرات جدّه، حيث غالبًا ما كان يُشاهد جالسًا بجانبه وفي سن مُبكرة تعلَّم الشيخ محمد فنون الصيد وخاصةً رياضة الصيد بالصقور كما أخذ عن والده أيضًا المهارات الأساسيّة للفروسيّة وبمُجرد أن بلغ الرابعة من العُمر أشرف والده على تلقينه مبادئ اللغة العربيّة وتعاليم الدين الإسلاميّ وفي حلول عام 1955 التحق بالتعليم الرسميّ في مدرسة الأحمديّة في منطقة ديرة وتلقى تعليمه فيها وفي العاشرة من عمره انتقل إلى مدرسة الشعب وبعدها بعامين انتقل إلى مدرسة دُبي الثانويّة وفي نهاية العام الدراسي 1964-1965 اجتاز الإمتحانات للمنهد الدراسيّ

في 9 سبتمبر 1958 تُوفي جدّه الشيخ سعيد، وعلى إثر ذلك أصبح والده الشيخ راشد حاكمًا لإمارة دبي، الذي بدأ باستعدادات جدّية لإعداد أبنائه بالمهارات اللازمة لتولّي مسؤوليّة الحكومة مُستقبلاً. وفي عام 1966، سافر الشيخ محمد إلى لندن يُرافقه ابن عمّه الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم للإلتحاق بمدرسة بيل للغات في كامبريدج، ومن أجل إعداده لدوره المُستقبليّ في حكومة دبي، التحق الشيخ محمد بكليّة "مونز" العسكريّة البريطانيّة للضبّاط المرشحين في ألدرشوت، والتي هي اليوم جزء من أكاديميّة ساندهيرست العسكريّة الملكيّة، حيث أنهى فيها دورة تدريبيّة مدتها 6 أشهر تلقَّى فيها الشيخ محمد أشد التدريبات العسكريّة في الجيش البريطاني، وتمّت ترقيته إلى مُلازم تحت الإختبار ثم منح رتبة سيف الشرف لنيله أعلى درجة في تخصصه.

ولاية العهد

في 3 يناير من عام 1995، قام الشيخ مكتوم، حاكم إمارة دبي في تلك الفترة، بالتوقيع على مرسوم يقضي بموجبه بتعيين الشيخ محمد بن راشد في منصب ولي عهد إمارة دبي، وكان لهذا التعيين آثار هائلة في تحويل دبي إلى مركز تجاري وسياحي عالمي، حيث أطلق سموّه العديد من المبادرات والمشاريع الريادية التي تسهم في تطوير دبي وازدهار مستقبلها. وفي عام 1995، أعلن الشيخ محمد عن مشاريع بنية تحتية للاقتصاد الرقمي الجديد، وأطلق بدوره مبادرة الحكومة الإلكترونية.

وفي أواخر عام 1995 أعلن الشيخ محمد إطلاق مهرجان دُبي للتسوّق لتعزيز مكانة دُبي كوجهة عالميّة للتسوّق والترفيه، وفي أبريل 1998 تم افتتاح مبنى الشيخ راشد الذي مثّل إنجاز المرحلة الأولى من خطّة حكومة دُبي لتوسعة مطار دبي الدولي بتكلفة تُقدّر بـ 540 مليون دولار أمريكي.

ومن أكبر المشاريع التي تبنّاها سموّه تشييد فندق برج العرب الذي يُعتبر رمزًا لدُبي العصريّة وأيقونة عالميّة للفخامة والجمال، أُنشئ الفندق على جزيرة اصطناعيّة تبعد مئة متر عن شاطئ البحر في دبي، وفي 1 مايو 1999 أعلن الشيخ محمد عن مبادرة مدينة دُبي للإنترنت وحدد موعدًا أقصى لإنجازها لا يتعدى 365 يومًا، وشملت المُبادرة بنية تحتيّة وبيئة ونمط يُمكن الشركات الجديدة من مزاولة أعمالها من دُبي بميّزة تنافسيّة كبيرة كما ساهم الشيخ محمد وأسرته في إنشاء مناطق حرّة أخرى مثل مدينة دبي للإعلام ومركز دُبي العالمي ومدينة دُبي الطبيّة وقرية المعرفة ومشروع دُبي لاند وغيرها، وفي أوائل عام 2001 أعلن الشيخ محمد عن أضخم المشروعات السياحيّة قاطبة وهو مشروع جزيرة النخلة التي شُيدت على جُزر اصطناعيّة تأخذ شكل النخلة، وفي عام 2001 أكَّد سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات بأنّه بناءً على توجيهات من الشيخ محمد تعتزم دولة الإمارات شراء 60 هيكلاً جديدًا للطائرات بقيمة 10 مليار دولار أمريكي.

الشيخ محمد بن راشد حاكمًا لدبي ونائبًا لرئيس دولة الإمارات ورئيس لمجلس الوزراء

في الرابع من يناير من عام 2006 تولّى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولاية الحكم في إمارة دُبي بعد رحيل أخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، وفي الخامس من يناير الثاني من عام 2006 انتخبه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات نائبًا لرئيس الدولة ووافقوا على اقتراح المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رحمه الله بتكليف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد رئاسة مجلس الوزراء وتأليف حكومة جديدة تمَّ الإعلان عن تشكيلها في التاسع من فبراير/شباط 2006.

الشيخ محمد بن راشد فارسًا

يشتهر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحبّه للخيول وتعلّقه بها، تعلَّم الفروسيّة منذ سن مُبكرة بتشجيع من والده الشيخ راشد بن سعيد رحمه الله وكان أشد أخوته حبًا بالخيول قال سموّه في حب الفروسيّة ( حب الخيول يجري في عروقي وإنَّ القبائل العربيّة تُمارس تربية الخيول منذ قرون وركوب الخيل أكثر من مُجرد اعتلاء ظهر الجواد فهو نُبل وفروسيّة وكان أول حضور للشيخ محمد لسباقات الخيل في عام 1967 في إنكلترا وشهد سموّه هو وشقيقه الشيخ حمدان فوز المهر رويال بالاس في سباق 2000 غينيس وبعد عشر سنوات من ذلك التاريخ استهل سموّه مسيرته الخاصّة في سباقات الخيل العالميّة عن طريق المهرة حتا التي أهدت سموّه انتصاره الأول بالسباقات في مضمار برايتون في إنجلترا، ونما شغف الشيخ محمد وتطوّر إلى استثمارات ضخمة في تربية الخيول وأسفر عن تأسيس سموّه لأعظم فريق في سباقات الخيل العالميّة ألا وهو فريق جودلفين واستطاع سموّه من خلال هذا الفريق تطبيق أفكاره ورؤيته في رياضة الفروسيّة وأظهر للعالم حب سموّه وشعفه الكبير في هذه الرياضة وترافق نجاح وتطوّر فريق جودولفين مع تعزيز دُبي لمكانتها كوجهة عالميّة وفي الوقت الذي تأسس فيه الفريق كان الشائع خوض سباقات الخيل فقط في القارّة التي ينتمي إليها مُلّاك هذه الخيول بينما أراد الشيخ محمد لخيوله خوض السباقات في جميع أنحاء العالم وشجّع الآخرين أن يحذوا حذوه.

يُعتبر سموّه من الفرسان الموهوبين والمُتميّزين وفاز بالعديد من منافسات سباقات التحمّل الدوليّة بالإضافة إلى شهرته في سباقات الخيل التقليديّة ويُشتهر سموّه بتخطيطه الإحترافي حيث كيف ومتى يستغل طاقة وقوة الخيول في السباقات، ويتولّى الشيخ محمد قيادة الفريق الوطني وفرسان الإمارات هم أفضل الرياضيين على مستوى العالم في الرياضة وقاد سموّه فريق الإمارات للفوز" بطولة الأمم الأوروبيّة عام 1999 في إسبانيا والبرتغال كما قاد الفريق عند احتفاظه باللقب في إيطاليا عام 2001 ويُعتبر سموّه من أبرز الشخصيّات المُشاركة في حملة لإدراج سباقات القدرة في الألعاب الأولومبيّة الرسميّة.

الشيخ محمد بن راشد شاعرًا

بدأ الشيخ محمد في نظم الشعر النبطي وهو لا يزال في المدرسة وكان أكثر من تأثَّر بهم في تطوّر هذه الموهبة الشعريّة لديه هُما؛ أبوه الشيخ راشد والشيخ زايد رحمهما الله، وعندما نُشرت قصائد الشيخ محمد لأول مرة في الصحف ظهرت بأسماء مُستعارة عدّة بما في ذلك نيداوي وسليط حيث أراد سموّه التأكد من أنَّ الناس مُعجبون حقًا بشعره وأن الصحف تنشر شعره ليس فقط لأنه فرد من الأسرة الحاكمة، وفي الوقت الحالي يُعتبر سموّه واحدًا من أحسن ناظمي الشعر النبطي ويتم نشر أعماله باسمه وحلّت مجموعة شعريّة من قصائده مُترجمة إلى اللغة الإنجليزيّة باسم قصائد من الصحراء في قوائم أفضل الكتب مبيعًا لأكثر من عامين على التوالي، وقد أتاح الشعر للشيخ محمد إظهار الجانب الإبداعيّ والحسّاس والذي لا يُتاح له الفرصة الكافية لذلك في ساحة العمل السياسي كما وتغطي قصائده مجموعة واسعة من المواضيع من الرومانسيّة إلى الشؤون الراهنة وغيرها كما شجّع سموّه الآخرين على نظم الشعر النبطي من خلال الأُحجيات المُتضمنة في قصائده حيث يقوم بتأليف قصيدة تضم العديد من الأسئلة خلافًا لطريقة لغز السطر الواحد التقليديّ في الثقافات الغربيّة ويدعو الناس للإجابة عليها.