الأميّة وأثرها على الفرد والمجتمع
نُناقش في هذا المقال ظاهرة الأمية، مُوضّحين آثارها السلبيّة على الفرد والمجتمع، ونؤكد على أهمية محوها كخطوة أساسية لتحقيق التنمية والتقدّم.
الأميّة ليست مجرد غياب القدرة على القراءة والكتابة، بل هي جدارٌ يحجب النور عن عقول كثيرة ويمنعها من الانطلاق نحو حياة أفضل فما يزال ملايين الأشخاص حول العالم يعانون من هذه المشكلة التي تحرمهم من فرص التعليم والعمل، وتدفعهم إلى دوائر الفقر والتهميش وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحّة إلى جهود مشتركة لمواجهة الأمية، ليس فقط عبر نشر التعليم، بل أيضًا من خلال رفع الوعي بأهميته وبناء برامج تُمكّن الأجيال من كسر قيود الجهل وفتح أبواب المستقبل المشرق.
ما المقصود بالأميّة؟
عرَّفت مُنظمة الأمم المُتحدة للتربية والعلم والثقافة/اليونسكة الأميّة بأنّها عدم القدرة على قراءة وكتابة جُمل بسيطة في أي لغة، وعدم قدرة الفرد على اكتساب المهارات اللازمة للمُشاركة الكاملة في المُجتمع واللازمة للمُمارسات الفعّالة والمُنتجة داخله ويرتبط مفهوم الأميّة وفقًا لليونسكو بالمُواطنة والهوية الثقافيّة والتنمية الإجتماعيّة والإقتصاديّة وحقوق الإنسان والعدل والحاجة إلى خلق مُجتمع مُتعلم من أجل بقائه وتطوّره.
وبتعريفٍ آخر تُعرف الأميّة على أنّها عدم القُدرة على القراءة أو الكتابة أو الحالة الفعليّة أو المُتصورة التي يكون عليها الفرد غير المُتعلم أو المُتعلم بالشكل غير الكافي، أمّا لاحقًا فأصبح العلماء يستخدمون مصطلحات أكثر حياديّة منها غير المُتعلمين ويقصدون بها المُجتمعات والأفراد الذين لا يعتبرون القراءة والكتابة مسألة مُهمة أو ترتبط بهم.
أنواع الأميّة
- الأُميّة الهجائيّة: تُعرف الأميّة الهجائيّة بأنّها عدم قدرة الشخص على معرفة الحروف الأبجديّة والهجائيّة للغة الخاصّة به والتي تُعد من الأساسيّات الضروريّة للغة كي يستطيع الشخص من خلالها تعلّم القراة والكتابة.
- الأميّة الوظيفيّة: هذا النوع من الأميّة يعني عدم قدرة الشخص على فهم المبادئ والأساسيّات الخاصّة بطبيعة العمل والوظيفة التي يشغلها.
- الأميّة المعلوماتيّة: هذا النوع من الأميّة يقوم على عدم قدرة الشخص على الحصول على المعلومات المُختلفة والمُتنوعة والتي يحتاجها في العديد من مجالات حياته.
- الأميّة الثقافيّة: تُعرف الأميّة الثقافيّة بأنهاغ عجم وجود الثقافة اللازمة لدى الشخص وعدم قدرته على تثقيف نفسه في العديد من المواضيع التي تجعل منه شخصًا مُثقفًا وواعيًا.
- الأميّة العلميّة: تُعرف الأميّة العلميّة على أنّها عدم قدرة الشخص على الحصول على المستوى التعليميّ المطلوب والشهادات العلميّة المُختلفة التي تجعل منه شخصًا مُتعلمًا.
- الأميّة البيئيّة: تُعرف الأميّة البيئيّة بأنها جهل الشخص بكلّ ما يتعلّق بالبيئة التي يعيش فيها وعدم قدرته على التفاعل والمُحافظة عليها.
- الأميّة الحضاريّة: الأميّة الحضاريّة هي عدم إلمام الشخص بالمعلومات الكافية عن حضارته والحضارات المُختلفة والمُتنوعة.
- الأميّة المهنية: تُعرف الأميّة المهنية بأنها عدم معرفة الشخص بالمهن التي يجب القيام بها والتي تتناسب مع قدراته وإمكانياته المُتاحة.
أسباب الأميّة
1- الفقر
تفشّي الفقر في المُجتمع من شأنه أن يمنع الأطفال من الإلتحاق بالمدارس إذ يضطر آباؤهم لإرسالهم للعمل وجلي المال الأمر الذي ينتج عنه ظاهرة عمالة الأطفال.
2- الثقافات المُجتمعيّة
هُنالك بعض الثقافات المُجتمعيّة التي تمتع الطفل والمرأة من التعلّم وبعض الثقافات الأخرى التي تُشجّع الأطفال الذكور على الإلتحاق بأعمال الزراعة والتجارة منذ الصغر بدلاً من الذهاب إلى المدرسة وهذه المُمارسات جميعها من شأنها أن تزيد من نسبة الأمية في المُجتمع.
3- عدم القدرة على الوصول إلى المدارس
في بعض الظروف الإجتماعيّة تجعل من الصعب على الآباء إرسال أبنائهم إلى المدارس بسبب عدم توفّر الطرق التي تُمكّنهم من الإنتقال من مكان لآخر كأطفال البدو والصيادين.
4- أميّة الوالدين
بعض الآباء الأميين لا يُركّزون على أهميّة التعليم، لهذا السبب في كثيرٍ من الأحيان يُعاني من الأُميّة من وُلد لوالدين لا يقرءان ولا يكتبان وبالمُقابل ترتفع نسبة التعليم عند أولئك الذين ينحدرون من عائلة مُتعلّمة بسبب إدراك أهميّة الحصول على تعليم جيّد.
5- نقص مُستلزمات التعليم
نظرًا لنقص الموارد في الدول الفقيرة فإنَّ بعض المناطق تفتقر إلى عددٍ كافٍ من المدارس في ضواحيها وإلى عدد كافٍ من المُعلّمين المُدرّبين وقلّة وجود الكتب وقصص الأطفال في المنزل وبالتالي عدم وجود تحفيز فيما يتعلّق بأهميّة القراءة من الأسرة وخاصةً لأولئك الذين يجهل آباؤهم القراءة.
6- صعوبات التعلّم
يُواجه بعض الأطفال صعوبة في اكتساب المهارات الأساسيّة كالقراءة والإستماع والتحدّث على الرغم من امتلاكهم لمستوى ذكاء مُتوسط وعند بعض الأطفال قد تكون نتيجةً لإعاقات ذهنيّة أو اضطرابات عاطفيّة وهذا الأمر يُعرف بصعوبات التعلّم وأولئك الأطفال يفتقرون للرعاية والدعم حيث أنّهم يمرون في المراحل الأساسيّة من التعليم دون الحصول على المعرفة بالطريقة التي تُراعي احتياجاتهم مما يعني وصولهم إلى الأميّة في مرحلة ما.
آثار الأميّة على الفرد والمُجتمع
- صعوبة ومحدوديّة الوصول إلى المعلومات الضروريّة وفهمها.
- ارتفاع مُعدّلات البطالة فغالبًا ما يكون معدل البطالة بين الأفراد الذين لم يحظوا بسوى قليل من التعليم أعلى بمرّتين إلى أربع مرّات منه بين المُتعلّمين.
- انخفاض الدخل والعيش في وضع مالي غير مُستقر.
- صعوبة الحصول على فرص جيّدة للتعلّم والتطوير المهنيّ.
- شعور الفرد بعدم الإحترام للذات الأمر الذي يُمكن أن يؤدي إلى انعزاله عن المُجتمع.
- انعكاس الأمر سلبًا على الصحّة نتيجة سوء استخدام الأدوية وذلك لمُواجهة صعوبة في قراءة وفهم المعلومات الطبيّة كالتحذيرات والجُرعات وموانع الإستعمال.
- ضعف الإهتمام بالتعليم والقراءة وهو أمر سيؤدّي لإنتقال الأميّة بين الأجيال.
- تراجع تقدّم الدولة حيث أنَّ زيادة الأميّة يؤدّي إلى زيادة شواغر الوظائف ونقص في المُوظفين المدرّبين تدريبًا كافيًا لعملهم.
- انخفاض مستوى المُشاركة المُجتمعية في المجتمع المدنيّ كلّما زادت نسبة الأميّة وذلك نتيجة مواجهة الأُميين بعض التحديات في فهم القضايا المُجتمعيّة.
- انخفاض نسبة مُشاركة الأفراد في الخطاب الإجتماعيّ والسياسيّ حيث أنَّ عدم امتلاك الأميين للأدوات الأساسيّة اللازمة لذلك تُعيق مُشاركتهم بشكلٍ كامل مُقارنةً بالآخرين في المُجتمع.
طُرق مُحاربة الأميّة
- يجب أن يتوفّر التعليم الأساسيّ لجميع الأطفال بشكلٍ مجّاني وإلزامي، ويجب توفير الفرص للأطفال للحصول على تعليم جيّد وجودة عالية في مدارسهم المحليّة.
- يجب توفير فرص التعلّم للبالغين الذين لم يتلقّوا فرصة التعليم في سن الطفولة، حيث يُمكن إنشاء برامج التعليم الكبار لتعليم القراءة والكتابة والمهارات الأساسيّة الأخرى.
- تعزيز القراءة والكتابة من خلال تشجيع المُشاركة المُجتمعيّة وإنشاء مُجتمعات القراءة والمكتبات العامة، ويجب توفير الوصول إلى المواد المطبوعة والمصادر التعليميّة بأسعارٍ معقولة.
- يُمكن استخدام التكنولوجيا والتعلم عن بعد لتوفير فرص التعليم للأفراد الذين لا يستطيعون الوصول إلى التعليم التقليديّ.
- تعزيز الوعي بأهميّة التعليم والتعلم في المُجتمع من خلال برامج التوعية والتثقيف التي تستهدف الأُسر والمُجتمعات حيث يُمكن توفير الموارد والمُساعدة للأسر لدعم تعليم أطفالها وتشجيعهم على القراءة والكتابة.
- يجب توفير فرص التعليم المهنيّ والتدريب للشباب والبالغين لتعزيز فرص العمل وتحسين قدراتهم، حيث يُمكن توفير برامج التعليم المهنيّ لتعليم مهارات عمليّة وتحسين القدرات القرائيّة والكتابيّة.
- تعزيز التعاون بين الحكومة والمؤسسات التعليميّة والمُنظمات غير الحكوميّة والمُجتمع المحلي لتنفيذ برامج مُحاربة الأميّة، فيُمكن للشراكات المُجتمعيّة أن تُساهم في توفير الموارد والخبرات المطلوبة.