البطالة: أسبابها، آثارها، وسبل الحد منها
تستعرض هذه المقالة أسباب البطالة وآثارها السلبية على الأفراد والمجتمع، وتقدم حلولًا وسبلًا فعّالة للحد منها وتحقيق فرص عمل مستدامة.
البطالة واحدة من أبرز التحديات الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث تؤثر بشكلٍ مباشر على استقرار الفرد والأسرة والمجتمع ككل، تنشأ البطالة نتيجة عدة أسباب، منها الإقتصادية والتعليميّة والإجتماعيّة، وتترك آثارًا سلبية على مستوى الدخل، الصحة النفسية، والاندماج الاجتماعي، في هذا المقال، سنستعرض أهم أسباب البطالة، نحلل آثارها المتعددة، ونقترح سبلًا فعّالة للحد منها وتحقيق فرص عمل مستدامة للشباب والفئات الأخرى في المجتمع.
مفهوم البطالة
يُمكن تعريف البطالة بأنّها ظاهرة اقتصاديّة بدأ ظهورها بشكلٍ ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المُجتمعات الريفيّة التقليديّة طبقًا لمُنظمة العمل الدوليّة فالعاطل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه ويبحث عنه ولكن دون جدوى إذ أنّهم يسعون للحصول على وظيفة باستمرار ويرتبط مُصطلح البطالة بالقدرة على مُمارسة العمل مع ضرورة سعي الشخص لإيجاد فرصة للعمل، ظهر لأوَّل مرة تاريخيًا منذ بدايات القرن السابع عشر الميلاديّ حيث كان يُقصد به التعطّل بشكلٍ مؤقت عن العمل وقد اتخذ المصطلح صيغته الجماعيّة منذ عام 1782 أمّا التعريف الحديث للبطالة ظهر في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي حيث أُضيف على تعريف المصطلح الأشخاص الذين لا يعملون ولكنّهم يبحثون بشكلٍ مُستمر عن عمل وقد أُجري أوَّل تعداد للبطالة في عام 1937م.
آثار البطالة
1- الإكتئاب
يُعدّ المُتعطّل عن العمل أكثر عرضة للشعور بالقلق والإكتئاب كما قد ينخفض تقديره لذاته خاصةً إذا كان يمتلك الرغبة القوية في الحصول على وظيفة فضلاً عن زيادة التوترّ والضغط الجسدي والشعور باليأس لديه في حال عدم الرضا عن ذاته وعدم قدرته على الإنجاز.
2- الإدمان
تُعتبر البطالة سببًا في اللجوء إلى الإدمان فعلى الرغم من أنَّ فقدان الوظيفة يصعّب من توفر المال إلا أنَّ فقدان الوظيفة يؤثر سلبًا في تقدير الهوية واحترام الذات وكلّما طالت هذه الفترة تفاقم الإكتئاب الذي بدوره يحفز الشعور بالإدمان.
3- الإحباط
تنتاب الشباب المُتعطّل عن العمل مشاعر الإحباط واليأس لأنّه فقد حقّه في الحصول على وظيفة خاصةً في حال وجود من يمتلكون مهارات ومؤهلات مماثلة له يشغلون موقعًا وظيفيًا الأمر الذي يؤدي إلى تولّد مشاعر عدم الإنتماء وقد تتطوّر هذه المشاعر ليتحوّل العاطل عن العمل إلى شخص عدوانيّ تجاه الآخرين وتجاه المُجتمع.
4- عدم تقدير الذات
يحتاج الفرد إلى التَواصل مع أشخاص خارج نطاق أسرته لكسب المزيد من المعلومات والخبرات المُتنوّعة لا سيّما أن الفرد في نفسه بمنظور الآخرين، فعليه العاطل عن العمل قد لا يرى لنفسه مكانة في كثيرٍ من الأحيان لأنّه لا يملك عملاً يُظهر فيه نفسه ومهاراته بالإضافة إلى أنّه بحاجة لتبادل منفعة جماعيّة يُشارك بها الآخرين بحيث يشعر بأنّه مُفيد وفعّال في المُجتمع فضلاً عن كونه يُعاني من عدم قدرته على إشغال وقته بما هو مُفيد على نحوٍ يُنمي قدراته ومهارات المُختلفة ما يؤدي إلى ظهور الملل في مناحي الحياة المُختلفة.
5- انخفاض فرصة الحصول على وظيفة
لا تُفضّل الكثير من الشركات توظيف العاطلين عن العمل منذ فترة زمنيّة طويلة بالرغم من امتلاكهم المهارات والمؤهلات التي تُناسب الوظيفة المُتاحة فضلاً عن كون البطالة تؤدي إلى فقدان الكثير من المهارات التي اُكتسبت أثناء فترة العمل السابقة لعدم الإستمرار في استخدامها الأمر الذي يُصعّب فرصة الحصول على وظيفة جديدة.
6- التطرّف والعنف
تُعتبر فئة الشباب العاطل عن العمل هي الأكثر عُرضة للإنضمام إلى الجماعات المُتطرفة فمن السهل إقناعهم بأهداف هذه الجماعات خاصةً أن مُعظمهم لا يمتلكون أهدافًا مُحددة في حياتهم فيعتبرون كلاً من التطرّف والعنف طريقة للتعبير عن الذّات.
7- الجريمة
تؤدي البيئة غير المُستقرة للمُتعطّل وشعوره بالوحدة لإبتعاده عن المُجتمع الخارجيّ الذي يعيش فيه إلى ظهور الجريمة وتفشّيها في المُجتمع ولكن هذا لا يعني أنَّ جميع المُتعطلين هم أصحاب جرائم وأسبقيات لكن البطالة والفقر وانخفاض مستوى الإقتصاد العام تُعتبر من أسباب وقوع الجرائم.
أسباب البطالة
- رغبة الشباب في الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي على الرغم من أنَّ نسبة فرص العمل متوفرة أكثر في القطاع الخاص.
- تعارض مُتطلبات سوف العمل مع المهارات التي يمتلكها الشباب وهي ظاهرة منتشرة ليس على مُستوى الأردن فقط بل في منطقة الشرق الأوسط ككل.
- ارتفاع اختيار الشباب لتخصصاتٍ مُحددة الأمر الذي سبب اكتظاظ في التخصصات الطبيّة والهندسيّة وتخصصات العلوم الإنسانيّة مما أدى لوجود فائض في سوق عمل تلك التخصصات بالإضافة إلى مشكلة تمركز فرص العمل بشكلٍ كبير في العاصمة عمان.
- زيادة الطلب على مهارات جديدة تتناسب مع التقنيات الحديثة مثل تحليل البيانات، تطوير البرمجيات، وإدارة الأنظمة الذكيّة.
- عدم الإهتمام بمجال التعليم الذي يهدف إلى نشر التوعية حول المشاكل الإجتماعيّة الهامّة وسُبل القضاء عليها ومُعالجتها.
- انتشار منصات العمل الحُر والإقتصاد الرقميّ مما أدى إلى عدم استقرار بعض الوظائف التقليديّة وظهور أشكال جديدة من العمل غير الدائم.
- تأثير الذكاء الإصطناعي على وظائف تتطلّب مهارات معرفيّة وتحليليّة مثل خدمة العملاء، التشخيص الطبّي وحتى بعض جوانب الإدارة.
معدّل البطالة
يُعرف مُعدل البطالة بأنَّه النسبة المئويّة للأشخاص العاطلين عن العمل ولحساب معدّل البطالة لا بُدَّ من معرفة عدد الأشخاص في القوى العاملة، حيث تشمل القوى العاملة الأشخاص الذين يمتلكون وظيفة مع ضرورة معرفة مقدار العمل مدفوع الأجر الذي يحتاجه شخص ما حتّى يُعتبر أنَّ لديه وظيفة بالإضافة للأشخاص العاطلين عن العمل، كما ترتبط البطالة بالأشخاص الذين لديهم الرغبة أو القدرة أو المؤهلات للقيام بوظيفة مدفوعة الأجر وهم يندرجون تحت مُسمّى القوى العاملية ولحساب مُعدل البطالة رياضيًا يُمكن اعتماد المُعادلة التالية عدد الأشخاص العاطلين عن العمل/عدد القوى العاملة) x 100%