التمييز العنصري من الظواهر الإجتماعيّة القديمة التي ما زالت تؤثر على المجتمعات الحديثة بطرق مباشرة وغير مباشرة، ينبع هذا التمييز من الأفكار المسبقة والتحيزات تجاه فئة معينة بناءً على لون البشرة أو العرق أو الأصل، مما يؤدي إلى تهميش الأفراد وتقليص فرصهم في التعليم والعمل والحياة الكريمة، في هذا المقال، سنستعرض أبرز أسباب التمييز العنصري، ونتناول آثاره السلبيّة على الفرد والمجتمع، قبل أن نعرض سبل المواجهة والحلول العملية للتصدي له وبناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.

ما المقصود بالتمييز العنصريّ؟

يُعرف التمييز العنصريّ بأنّه أي نوع من التمييز ضد أي فرد على أساس لون البشرة أو العرق أو الإثنية، وتتم مُمارسة التمييز العنصريّ من خلال رفض القيام بأعمال تجاريّة مع مجموعة أشخاص ينتمون إلى جماعة مُعيّنة أو التواصل معهم أو تبادل الموارد معهم، وقد يكون التمييز العنصريّ مُباشرًا أو غير مُباشرًا على سبيل المثال كأن يرفض صاحب العمل توظيف شخص ما بسبب خلفيته العرقيّة أو لونه أو غير ذلك أمّا غير المُباشر يتجلّى عند تطبيق قرار أو قاعدة قد تنطبق على الجميع بشكلٍ مُتساوٍ باستثناء بعض الأشخاص من أصل أو لون مُختلف.

أشكال التمييز العنصري

1- التمييز على أساس العرق

التمييز العرقي هو التمييز القائم على اللون أو الجنسيّة أو الأصل العرقي أو القومي فمن المُمكن أن تمنع وكالة تأجير شقق شخص مُعين من امتلاك شقة بسبب أصله العرقي أو القومي أو لونه أو حتى جنسيّته.

2- التمييز على أساس الحالة الإجتماعيّة

قد يكون التمييز مبني على حالة الشخص الإجتماعيّة إذا كان أعزبًا أو متزوجًا، على سبيل المثال أن يقوم صحاب العمل بفصل امرأة من عملها بعد أن تتزوّج وذلك لأنَّ صاحب العمل يعتقد أنَّ المرأة العزباء ذات مسؤوليّات أقل.

3- التمييز على أساس النوع الإجتماعيّ

هو التمييز القائم على النوع الإجتماعيّ أو الجنس سواء كان ذكر أم أنثى حيث أنّه من المُمكن أن يُحرم الأشخاص من حقوق أو فرص مُعينة بسبب النوع الإجتماعيّ فمثلاً قد تُحرم بعض الإناث من العمل في وظائف مُعينة لأن طبيعة العمل لا تُناسب كونها أُنثى كساعات الدوام الطويلة والمهام الشاقّة التي يتضمنها العمل.

4- التمييز على أساس العمر

يُعرف التمييز على أساس العُمر بأنّه تمييز ضد أشخاص ينتمون لعمر مُعين أو لفئة عمريّة مُعيّنة على سبيل المثال قد يرفض صاحب العمل قيام شخص ما بإعطاء دورة تدريبيّة لأنَّ عمره كبير إذ يُفضل الأشخاص ذوي الأعمار الأقل للقيام بهذه المُهمة.

5- التمييز على أساس الإعاقات الجسديّة

التمييز على أساس الإعاقة أو العجز هو التمييز ضد الأشخاص الذين يُعانون من الإعاقات كإعاقة جسديّة أو عقليّة تؤثر في قدرتهم على القيام بالأنشطة اليوميّة العاديّة على سبيل المثال قد يرفض شخص ما وظيفة مُعيّنة بالرغم من أفضليّته بسبب إعاقة أو عجز يُعاني منه.

أسباب العنصريّة

1- الكراهيّة والخوف

غالبًا ما تستند الكراهيّة الشديدة لفئة مُعيّنة من الناس على الخوف منهم فقد يشعر البعض بالتهديد من قبل أشخاص يعتبرونهم مُختلفين عنهم سواء بسبب الدين أو مُعتقداتهم أو ثقافتهم وبالتالي تظهر العنصريّة لديهم نتيجة رغبتهم بالتخلّص من هذا الخوف كما يسعون للإنضمام إلى أشخاص آخرين لديهم الأفكار والمخاوف ذاتها للحصول على الدعم المعنويّ الأمر الذي يؤدي إلى استمرار تطوّر العنصريّة وتوسّع دائرتها.

2- الإضطرابات النفسيّة

ليس بالضرورة أن تكون العنصريّة دليلًا على إصابة الأشخاص باضطرابات نفسيّة أو ضعف في الصحّة العقليّة وفي بعض الأحيان تكون كذلك فبعض الأشخاص المُصابين بجنون العظمة أو النرجسيّة يكون لديهم ميول أكبر لتبنّي المُعتقدات العنصريّة أو الإنخراط في سلوكيّات عنصريّة.

3- تأثير وسائل الإعلام

تلعب وسائل الإعلام دورًا أساسيًا في التأثير في نظرة المُجتمع لأعراض مُعيّنة وبالتالي تُساهم في غرس المُعتقدات العنصريّة في نفوس الشباب، على سبيل المثال يتم تمثيل الأشخاص من ذوي البشرة السوداء في البرامج أو المُسلسلات على أنّهم أشخاص مُجرمون أو فقران أو عدوانيّون الأمر الذي يؤثر في نظرتهم لأنفسهم.

4- السياسات العنصريّة

تنتشر في بعض المُجتمعات سياسات تُميّز بين الناس على أساس أعراقهم وأصولهم تُعزز المُعتقدات العنصريّة لدى أفراد المُجتمع، فبعض الحكومات تستخدم سياسات تمنع بعض الأعراق من أخذ حقوقهم بالمساواة مع بقية أفراد المُجتمع كما أنّها تنشر فكرة أنهم لا يستحقون المُعاملة أو الفرض ذاتها التي يحصل عليها الأشخاص الآخرون.

حلول للقضاء على التمييز العنصريّ

1- الإعتراف بكافّة أشكال التمييز العنصريّ

يجب أولاً الإعتراف بالتمييز العنصريّ بكافّة أشكاله كخطوة أولى للقضاء عليه والقُدرة على التعامل معه كما أنّه من المُهم فهم تاريخ التمييز العنصري ومُعتقداته وأسبابه والأسس التي يقوم عليها وتحديد طبيعته بدقّة حتى يكون القضاء عليه مُمكنًا.

2- مُحاربة قوانين التمييز العنصري السلبيّة

يجب مُحاربة القوانين السلبيّة التي لا تُناسب أعراقًا معينة للقضاء على التمييز العنصريّ على سبيل المثال يُحرم بعض الأفراد من حقوقهم الإنسانيّة فقوانين كهذه تُعزز من التمييز العنصريّ لأنها تجعل الأمر أصعب على الفئات المُهمّشة كالذهاب إلى مدارس جيّدة والحصول على وظائف مُناسبة وما شابه.

3- الإستمرار بمُكافحة التمييز العنصريّ

يجب الإلتزام بمُحاربة التمييز العنصريّ للقضاء عليه فهو بمثابة مهمّة ذاتيّة مُستمرة ويحتاج تحمّل المسؤوليّة وللقيام بذلك يجب الإعتراف بالإختلافات بدل التظاهر بأنّها غير موجودة وبدء التصدّي لها بكافّة الأشكال سواء بالحوار بين الأشخاص أو بالقانون.