ذو النورين؛ الصحابيّ الجليل عُثمان بن عفّان
يقدّم المقال سيرة عثمان بن عفّان رضي الله عنه، أحد الخلفاء الراشدين ولقب بـ ذو النورين لأنه تزوج ابنتي النبي ﷺ رقية وأم كلثوم
ذو النورين، الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، أحد أعمدة الإسلام الذين كان لهم دور بارز في نشر الدين وترسيخ دعائم الأمة الإسلامية، تميز عثمان بلقب "ذو النورين" لزواجه من ابنتي النبي ﷺ، فكان قريبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المودة والدعم عرف عن عثمان رضي الله عنه كرمه الواسع، وصبره، وإيمانه القوي، إضافة إلى مساهماته الجليلة في خدمة المسلمين، سواء في زمن النبي أو خلال خلافته الراشدة، في هذا المقال نستعرض سيرة هذا الصحابي العظيم، ونكشف جوانب من حياته العطرة التي كانت نموذجًا في الإيمان والعمل والتضحية من أجل الإسلام والمسلمين.
سيرة الصحابيّ عُثمان بن عفّان
عُثمان بن عفّان هو أبو عبدالله عثمان بن عفّان بن أبي العاص الأمويّ القرشيّ، ثالث الخُلفاء الراشدين وأحد العشرة المُبشرين بالجنَّة ومن السابقين إلى الإسلام، لُقّب ذا النورين بهذا الإسم لأنه تزوَّج اثنتين من بنات النبي محمد ﷺ حيث تزوَّج من رقية ثم بعد وفاتها تزوَّج من أم كلثوم، كان أولَّ مُهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المُهاجرين إلى أرض الحبشة من ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المُنورة وكان رسول الله ﷺ يثق به ويُحبّه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من مال لنصر المُسلمين والذين آمنوا بالله، بشّره النبي ﷺ بالجنّة وأخبره بأنه سيموت شهيدًا.
نشأة الصحابيّ عُثمان بن عفّان رضي الله عنه
وُلد الصحابيّ عثمان بن عفّان في الطائف سنة 576 ميلادي بعد عام الفيل بست سنوات وهو من بطن بني أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف وهم من كبار سادات قُريش وأبوه عفّان ابن عم أبي سُفيان بن حرب أنجبته أمّه أروى بنت كريز وأنجبت كذلك شقيقته آمنة بنت عفّان وبعد وفاة والده تزوّجت أمّه من عقبة بن أبي مُعيط الأمويّ القرشيّ وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبنت وهُم الوليد بن عقبة، وخالد بن عقبة وعمارة بن عقبة وأم كلثوم بن عقبة فهُم إخوة عثمان لأمّه وقد أسلمت أم عثمان وماتت في خلافته وكان أحد اللذين حملوها إلى قبره وأمّا أبوه فمات في الجاهليّة، كان غنيًا شريفًا في الجاهليّة ومن أحكم قريش عقلاً وأفضلهم رأيًا كما كان محبوبًا من قبلهم وهو لم يسجد لأي صنم طيلة حياته ولم يشرب الخمر لا في الجاهليّة ولا في الإسلام وكان على علم بمعارف العرب في الجاهليذة من الأنساب والأمثال وأخبار الأيّام.
لماذا سُميّ الصحابيّ عثمان بن عفّان "ذو النورين"؟
تعددت أقوال المؤرخين وأصحاب السير في سبب تسمية عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- بذي النورين فقيل لأنّه تزوّج ابنتيّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- رقية وأم كلثوم وقيل إنّه يُنادى بذلك اللقب في الملأ الأعلى وروي إنّه سُميّ بذلك لأنّ برقتين تبرقان له في الجنة حينما ينتقل من منزلٍ إلى منزلٍ آخر وذكر الإمام أبو الحسن القزويني روايتان في سبب تسمية عُثمان بذي النورين أحدهما لأنّه كان كريمًا في الجاهليّة وكريمًا في الإسلام وفي رواية أخرى بسبب اجتهاده في العبادة حيث كان يختم القرآن في وتره فعُرف بذي النورين لنور قيامه بالليل ونور قراءة القرآن الكريم.
مكانة وصفات الصحابيّ عُثمان بن عفّان
- كان عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- رجلاً شديد الحياء ومن المواقف التي أُشتهر بها في ذلك عندما كان النبي ﷺ مضطجعًا وكاشفًا عن ساقيه فاستأذن أبو بكر -رضي الله عنه- فأذن له النبيّ بالدخول وتحدّث معه ثم استأذن عمر -رضي الله عنه- فأذن له النبيّ وتحدثا معًا، ولمّا جاء عثمان -رضي الله عنه- واستأذن سوّى النبيّ ثيابه ولمّا خرجوا سألته السيّدة عائشة -رضي الله عنها- عن سبب تسوية ثيابه أمام عثمان دون غيره فقال لها النبيّ -صلى الله عليه وسلَّم- (ألا أستحي من رجلٍ تستحي منه الملائكة).
- اتصّف عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- بالجود والكرم فقد كان كثير الإنفاق في سبيل الله ويظهر ذلك في مواقف كثير منها تجهيز جيش العسرة، حيث جاء عثمان إلى النبيّ وقدّم لجيش العسرة في غزوة تبوك 940 بعيرًا و60 فرسًا و10 آلاف دينار وضعهم بين يديّ رسول الله فقال -صلى الله عليه وسلَّم (ما ضرَّ عُثمان ما عمِل بعدَ هذا اليومِ).
- عُثمان بن عفّان رضي الله عنه هو أحد العشرة المُبشرين بالجنّة ودليل ما ثبت عن سعيد بن زيد حيث قال: (عشرةٌ في الجنَّةِ: أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ، وعُمرُ في الجنَّةِ، وعليٌّ وعثمانُ والزُّبَيْرُ وطلحةُ وعبدُ الرَّحمنِ وأبو عُبَيْدةَ وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ. قالَ: فعدَّ هؤلاءِ التِّسعةَ وسَكَتَ عنِ العاشرِ، فقالَ القومُ : ننشدُكَ اللَّهَ يا أبا الأعورِ منِ العاشرُ؟ قالَ: نشدتُموني باللَّهِ، أبو الأعوَرِ في الجنَّةِ.