الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمّ علينا النعمة، وجعل لنا من شعائر الإسلام ما يُقرّبنا إليه ويزيد من شكرنا له، ومن ذلك عيد الفطر المبارك، الذي جعله الله تعالى فرحةً للصائمين، وجائزةً للصابرين بعد تمام شهر رمضان المبارك، فالمُسلمون يحتفلون بعيد الفطر شُكرًا لله على توفيقه لهم بإتمام الصيام والقيام، واقتداءً بسنة نبيّهم ﷺ، حيث شرع فيه التكبير والفرح، وصلاة العيد، وصلة الأرحام، وإخراج زكاة الفطر، وغيرها من مظاهر البهجة المشروعَة، وعيد الفطر ليس مجرّد مناسبة للفرح، بل هو عبادة متجددة، تُظهر وحدة المسلمين وتلاحمهم، وتُذكّرهم بنعم الله عليهم، وتحثهم على مواصلة الطاعة بعد رمضان، ليكون العيد بداية جديدة في درب الطاعة والعبادة.

عيد الفطر

عيد الفطر هو أحد عيدَيّ المُسلمين، فهو عيد إسلاميّ يكون في اليوم الأول من شهر شوّال الذي يفطر فيه المُسلمون مُحتفلين بإتمام عبادة الصيام في شهر رمضان، والجدير بالذكر أن المُسلمون احتفلوا بأول عيد فطر في الإسلام في السنة الثانية للهجرة بعد صيام أول رمضان في تلك السنة ويُحرم صيام أول يوم من أيّام عيد الفطر، امّا مدته فهي شرعًا يوم واحد فقط يبدأ بعد غروب الشمس اليوم الأخير من شهر رمضان وينتهي بغروب الشمس اليوم الأول من شهر شوّال فقد روى أبو داود والترمذي في سننه أن النَّبيُّ ﷺ قَدِمَ المدينةَ ولَهُمْ يومَانِ يلعبُونَ فيهِمَا «فقال رسول الله ﷺ: " قدْ أبدلَكم اللهُ تعالَى بِهِمَا خيرًا مِنْهُمَا يومَ الفطرِ ويومَ الأَضْحَى." ويتيميّز عيد الفطر بإغناء الفقراء عن السؤال بدفع زكاة الفطر الواجبة على كل فرد مُسلم لديه قوت يوم وليلة في ليلة العيد وتؤدى قبل صلة العيد وأول أعمال العيد تكون صلاة العيد في الصباح بعد شروق الشمس بثلث ساعة تقريبًا ويلتقي المسلمون في العيد ويتبادلون التهاني وزيارة الأهل والأقرباء وهذا ما يُطلق عليه صلة الرحم كما يزور المسلم أصدقاءه ويستقبل أصحابه ويعطفون على الفُقراء.

العبادات في عيد الفطر

1- زكاة الفطر

زكاة الفطر هي الزكاة التي تجب بمُجرّد الفطر من شهر رمضان، وتجب على جميع المُسلمين سواءً كان ذكرًا أو أُنثى حُرًّا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا وتجب بغروب الشمس من آخر يوم في رمضان ويُسنّ إخراجُها عن الجنين وتكون بمقدار الصاع لقول النبيّ محمد-صلى الله عليه وسلّم- (كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن أقِطٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ).

2- صلاة العيد

تأتي صلاة العيد بعد إتمام ركن من أركان الإسلام وهو صيام شهر رمضان وصلاتُها تُعد من السنن المؤكدة عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلَّم- وقد وردت مشروعيّتُها في الكتب والسنة النبويّة والإجماع وجاء عن ابن عُمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- صلاة النبيّ محمد-عليه الصّلاة والسلام- وأبو بكر الصديق وعُمر بن الخطّاب رضي الله عنهم لها.

آداب عيد الفطر

1- الإغتسال والتطيّب

صحَّ القول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلَّم- أنه كان يغتسل يوم العيد، وكذلك فعل السَّلف الصَّالح من بعده فكان هذا الغسل من الأمور المُستحبَّة ويصحُّ أن يكون قبل فجر العيد فيكون وقت الإغتسال قريبًا من وقت الصلاة، ثم يلبس أحسن الثياب ويتطيَّب، وهذا الأمر لا ينطبق فقط على من أراد الصلاة بل يفعله كلُّ الناس لأنَّ العيد يوم فرح وسرورٍ وزينة.

2- الإكثار من التكبير

من السُنن المُستحبة التكبير في العيدَيْن ويسنُّ ذلك ويكون التكبير بكلّ الأزمنة والأمكنة ويُكبّر المُسلم فُرادى وتحرص النّساء على عدم التكبير بوجود الرِّجال ويبدأ وقت التكبير في عيد الفطر من أول ليلته حتى أجاء صلاته وفي عيد الأضحى من الأوَّل من ذي الحجة إلى اليوم الثالث عشر من ذات الشهر فالتكبير فيه تعظيم لله تعالى وثناءٌ عليه وامتثال لأوامره والذاهب إلى صلاته يُكبّر في مشيه للصلاة وفي جلوسه للعيد ويكون ذلك في العيدَيْن.

3- تناول الطعام قبل الصلاة

يُسنُّ في عيد الفطر الأكل قبل الخروج إلى الصلاة، وهو ما جاء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلَّم، فقد روى بريدة: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَغْدو يَومَ الفِطْرِ حتى يَأكُلَ، ولا يَأكُلُ يَومَ الأضْحى حتى يَرجِعَ، فيَأكُلَ مِن أُضحِيَّتِه) فكان الرسول يحرص أن يأكل بضع تمراتٍ بعدد فرديّ والحكمة من الأكل قبل الصلاة كي لا يعتقد المُسلمون وجوب الصيام إلى ما بعد صلاة العيد وقيل أنَّ العيد جاء مُكافأةً من الله تعالى لعباده على عبادة الصوم فاستُحِب التعجيل في الفطر.

4- إظهار البشاشة والفرح بالعيد

يسنّ للمسلم أن يُظهر الفرح والسعادة بقدوم العيد، ومن مظاهر الفرح ارتداء ثوب جديد لإظهار الفرح والسرور بقدوم العيد وإظهارًا لنعمة الله تعالى عليه فقجد روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- فقال: (أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِن إسْتَبْرَقٍ تُباعُ في السُّوقِ، فأخَذَها، فأتَى بها رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هذِه تَجَمَّلْ بها لِلْعِيدِ والوُفُودِ)، وبعد ذلك رفضها رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- واستبدلها بأخرى مصنوعة من الديباج نظرًا لأن الحرير مُحرّم في اللباي على الرجال.

كيفيّة أداء صلاة العيد؟

صلاة العيد هي من السُنن المُستحب أن يُشارك بها المُسلمون ولو لم يؤدِ البعض الصلاة لعذر شرعي، فعن أم عطيّة: أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحيّض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين ويصف لنا جابر بن عبد الله صلاة العيد مع الرسول فيقول: «شهدت مع رسول الله ﷺ الصلاة يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير آذان ولا إقامة ثم قام متوكئًا على بلال، فأمر بتقوى الله وحث على طاعته، ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن.

أمّا عدد الركعات فهي ركعتان ووقتهما من طلوع الشمس إلى الزوال، ولكن يُستحب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح أي بحسب رأي العين، وتُسن الصلاة جماعة فيها وتصح لو صلّاها الشخص مُنفردًا ركعتين كرعتيّ سنة الصبح ويُسن في أول الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام ويقول ما بين كل تكبيرتين "سبحان الله والحمدُلله ولا إله إلا الله والله أكبر" ويُسن خطبتان بعد الصلاة يُكبّر الخطيب في الركعة الأولى منهما تسع تكبيرات وفي الثانية سبع تكبيرات ويُسن التبكير بالخروج لصلاة العيد من بعد صلاة الصبح إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة والمشي أفضل من الركوب ومن كان له عذر فلا بأس بركوبه ويسن الغسل ويدخل وقته بمنتصف الليل والتزيّن بلبس الثياب وغيره والتطيّب وهذا للرجال أمّا النساء فيُكره لهنَّ الخروج مُتزينات ومُتبرجات.