قصّة ليلى والذئب (ذات الرداء الأحمر)
يقدّم المقال لمحة عن قصة ليلى والذئب (ذات الرداء الأحمر)، حيث تواجه ليلى الذئب الماكر أثناء رحلتها لزيارة جدتها
قصّة ليلى والذئب كما هو مُتعارف عليه أو قصّة ذات الرداء الأحمر، هي واحدة من أكثر قصص الأطفال الخياليّة انتشارًا بين ثقافات العالم المُختلفة، تدور أحداث القصّة حول فتاة صغيرة ترتدي وشاحًا أحمرًا بقبّعة وتذهب عبر الغابة إلى منزل جدّتها المريضة حاملةً معها الطعام والفاكهة لكن يعترضها في الطريق ذئبًا مُتنكرًا موهمًا إياها بضرورة أن تسلك الطريق الأقصر في الغابة بينما هو يسلك الطريق الأقصر ويصل قبلها إلى منزل جدتها ليتخفّى بملابسها ويحسبها في دولاب الغرفة وعندما يُحاول التهام ليلى التي تلحظ تبدّل ملامح جدّتها يظهر الحطّاب الحقيقي ويقتل الذئب.
أحداث قصة ليلى والذئب
كان يا مكان في قديم الزمان يُحكى أنَّ هناك فتاة صغيرة وجميلة تدعى ليلى كانت تعيش مع والدتها في قرية صغيرة تحيط بها غابة جميلة، وكانت تلقب بذات الرداء الأحمر؛ وذلك لأنها كانت تحب دائماً أن تلبس معطفها الأحمر الذي أهدتها إياه جدتها في عيد ميلادها، وفي صباح أحد الأيام الربيعيّة قالت لها والدتها بعد انتهائها من صنع الكعك ووضعه في سلة صغيرة: طفلتي الحبيبة، ضعي معطفك الأحمر وخذي هذه السلة لجدتك كي تطمئنّي عليها، فقد وصلني أنها مريضة وبحاجة لمن يرعاها في مرضها.
وبعد أن ارتدت ليلى معطفها الأحمر وحملت السلة بحماس متجهة إلى باب المنزل، أوقفتها والدتها قائلةً: احذري يا ليلى من الابتعاد عن الطريق، واذهبي مباشرة لبيت جدتك، وعند وصولك ألقي عليها التحية وكوني مهذبة وودودةً عند الحديث معها، فقبّلت الصغيرة والدتها وطمأنتها قائلة: لا تقلقي يا أماه، سأكون بخير، ثم سارعت بالخروج، والتزمت بكلام أمّها إلى أن وصلت الغابة التي تعيش فيها جدتها وهناك رآها الذئب، فلم تشعر الصغيرة بالخوف عندما رأته.
اقترب الذئب من ليلى وسألها: ما اسمك أيتها الصغيرة؟ قالت: اسمي ليلى، ويلقبني أهل القرية بذات الرداء الأحمر، فقال الذئب: إلى أين أنت ذاهبة يا ليلى في هذا الوقت المبكر من اليوم؟ فأخبرته أنها ذاهبة لرؤية جدتها المريضة كما طلبت منها والدتها، وأنها قد أحضرت لها سلة من الكعك، فقال الذئب بابتسامة خبيثة: هذا جميل يا ليلى، يا لكِ فتاة مطيعة، لم تشعر ليلى للحظة بمكر هذا الذئب، ولكنها شعرت بالإطراء وظنّت أنه كائن لطيف مثلها وابتسمت له ابتسامة بريئة، ثم قالت: شكراً لك أيها الذئب، أنت مخلوقٌ لطيف، وكم أود لو نصبح أصدقاء.
ففرح الذئب لأنه استطاع أن يخدعها ويجعلها تثق به؛ فذلك سيجعل تنفيذ خطته أسهل، ثم انتهز الفرصة قائلاً: لم لا تخبريني يا صغيرتي أين تسكن جدتك، حتى نتسابق أنا وأنت إلى هناك، ولنرى من سيصل أولاً؟ فأجابته ليلى بكل براءة: جدتي تسكن في بيت خشبي صغير ومميز في آخر الغابة، فقال لها الذئب وابتسامته الخبيثة لا تفارق وجهه: حسنا إذاً، سأذهب أنا من هذا الطريق، واذهبي أنتِ من الطريق الآخر، سارع الذئب بالتحرك بأقصى سرعة ممكنة، وفي هذه الأثناء كانت ليلى منطلقة إلى بيت جدّتها كذلك، ولكنها رأت في طريقها أزهاراً جميلة جداً تبعد عن الطريق بمسافة صغيرة، ولعشقها للأزهار الملونة، لم تستطع ليلى مقاومة جمال تلك الأزهار، وأرادت أن تحضر بعضاً منها لجدتها المريضة؛ فهي تعلم كم تحب جدتها الأزهار أيضاً، وكم سيجعلها ذلك تشعر بالسعادة وينسيها مرضها، كما أنها لم تر جدتها منذ فترة وظنت بأنها ستكون هدية جميلة، وبعد لحظات من التردد قررت ليلى تجاهل تحذير أمها لها، وظنت بأن سعادة جدتها بالأزهار ستنسي أمها ما فعلته.
في هذه الأثناء كان الذئب قد وجد بيت الجدة، ولم تكن ليلى قد وصلت بعد؛ فالذئب يعيش في الغابة منذ زمنٍ ويعرف طرقها جيّداً، ولذلك فقد سلك أحد الطرق المختصرة وغير الوعرة، وعندما وصل إلى البيت أسرع ودق على الباب، فلم تستطع الجدة النهوض من الفراش بسبب مرضها، فسألت من الداخل: من يطرق الباب؟ فقال الذئب محاولاً التنكر في صوته: أنا ليلى حفيدتك يا جدتي، قالت الجدة بتردد متجاهلة شعورها بغرابة الصوت: حسنا تفضلي يا عزيزتي، دخل الذئب الماكر للمنزل فذعرت الجدة عند رؤيته، وحاولت أن تصرخ طالبة النجدة، لكن أحداً لم يسمعها، فأمسك الذئب بها وحبسها في الخزانة، وأمرها أن لا تصدر صوتاً وإلا فسيأكلها، ثم أخذ معطفها وارتمى على سريرها متنكراً وقد شعر بحماس شديد وهو ينتظر وصول ليلى حتى يتم خطته بنجاح، وفي هذه اللحظة وصلت ليلى لمنزل الجدة ولم تجد الذئب هناك، ولكنها لم تهتم للأمر كثيراً فهي ما زالت سعيدة بالأزهار الجميلة التي التقطتها من أجل الجدة وبدأت تطرق الباب.
قال الذئب محاولاً تقليد صوت الجدة: من بالباب؟ فقالت ليلى بحماس: أنا ليلى يا جدتي، أحضرت لك مفاجأة جميلة، فقال الذئب: حسناً تفضلي يا عزيزتي، دخلت ليلى وقبّلت رأس جدتها كالعادة، لكنها شعرت بشيء مريب عزته إلى أنها لم تر جدتها منذ فترة من الزمن، ثم شعرت بهدوء غريب؛ ففي العادة تكون جدتها سعيدة لرؤيتها، فقاطع الذئب الأفكار التي كانت تدور في رأس ليلى قائلاً: ما أجمل هذه الأزهار يا ليلى، شكراً لك يا حبيبتي، اطمأنت ليلى لوهلة، ووضعت الأزهار في كأس ماء كان على طاولة صغيرة إلى جانب السرير بعد أن ملأته بالماء، ثم عادت للجلوس بجانب السرير، والتفتت لجدتها وقد لاحظت شكلها الغريب، فقررت ببراءة أن تسألها: جدتي، لم عيناك كبيرتان؟ فقال الذئب المتنكّر: حتى أستطيع أن أراك جيداً يا صغيرتي، فلاحظت ليلى شيئاً غريباً آخراً في جدتها وسألت مرة أخرى: ولم أذناك كبيرتان؟ قال الذئب بمكر: حتى أستطيع سماع صوتك الجميل بهما يا عزيزتي، ثم نظرت ليلى إلى فم الجدة: جدتي، لم فمك أصبح كبيراً؟ فقال الذئب وهو ينزع عنه ثياب الجدّة ومكشّراً عن أنيابه: حتى آكلك به! وهمّ الذئب بليلى يريد أن ينقضّ عليها ويأكلها، فصرخت بأعلى صوتها طالبة النجدة، فسمع صراخها صيادٌ كان يمر بالصدفة قرب بيت الجدة، فركض الصياد ودخل بقوة للمنزل، وأطلق النار من بندقيّته على الذئب ونجح في قتله، بكت ليلى بحرقةٍ وهي تبحث عن جدتها مع الصياد، وبقيت تبكي إلى أن عثرت عليها في الخزانة، فساعدها الصياد على إخراجها من الخزانة، وحضنت ليلى المسكينة جدتها وهي تشعر بالندم لأنها لم تسمع وصيّة والدتها، وأخبرتها جدتها بأن عليها الالتزام بكلام أمها في الأيام القادمة، فمسحت ليلى دموعها وقبّلتها وعاهدتها بأن ذلك لن يحدث مجدداً، وأنها قد تعلمت درساً لن تنساه أبداً، وأخيراً شركت ليلى والجدة الصياد على إنقاذه لهما وبقيت ليلى في صحبة الجدة في ذلك اليوم لترعاها وهي ممتنة وسعيدة بأن جدتها لا زالت بخير.