قصّة هابيل وقابيل والعِبر المُستفادة
يقدّم المقال قصة هابيل وقابيل مع التركيز على دروس الحسد والطاعة وتحمل المسؤولية.
قصة هابيل وقابيل من أولى القصص الإنسانيّة التي تناولتها الكتب السماوية، وتحمل في طياتها دروسًا عميقة عن الغيرة، والحسد، وأهمية طاعة الله والابتعاد عن الظلم، تحكي القصة عن الأخوين اللذين قدّما قربانًا لله، وكيف قاد الحسد أحدهما إلى ارتكاب أول جريمة قتل في تاريخ البشر، مما يبرز عواقب الغضب وعدم السيطرة على المشاعر السلبية، من خلال هذه القصة، نتعلم قيم الصدق، والعدل، والتسامح، وأهمية مواجهة المشاعر السلبية بطريقة إيجابية بعيدًا عن العنف.
من هُم قابيل وهابيل
وُلد لنبي الله آدم عليه السلام عقب نزوله للأرض اثنين من الأولاد وهُما قابيل وهابيل وقيل أنَّ قابيل كان يكبر هابيل بسنتين وكانت حوّاء تلد توأمًا في كلّ بطن فمع كل ذكر كانت تضع أنثى أختًا له وقد ذُكر في كتب العلماء أنَّ اخت قابيل كان اسمها إقليميا وأخت هابيل كان اسمها لبودا، وكان قابيل يعمل في زراعة الأرض أمّا هابيل فقد كان يعمل في رعي الأغنام والجدير بالذكر أنَّ أسماء أولاد آدم قابيل وهابيل لم يُذكر في دليل صحيح من النقل فلم يرد في كتاب الله تعالى ولا في سُنّة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم ما يدل على صحّة هذه الأسماء وإنما ورد في كتاب الله تعالى قصّة قتل قابيل لأخيه هابيل.
قصّة قتل قابيل لهابيل في القرآن الكريم
قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ*إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ* فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
زواج قابيل وهابيل
وضعت حوّاء زوجة سيّدنا آدم عليه السّلام توأمين وهُما؛ هابيل وأخته وقابيل وأخته وكان كلٌ من قابيل وهابيل عاملين فقد كان هابيل من رُعاة الأغنام وقابيل من زرّاع الأرض، تزوّج كلًا من قابيل وهابيل أخت الآخر حفاظًا على التنوّع الإنسانيّ وكانت توأم قابيل أجمل من توأم هابيل وعندما طلب آدم من أبنائه إتمام ذلك الزّواج أبى قابيل ذلك لأنَّ نصيبه هو الفتاة ذات الجمال الأقل فقد أراد أن يتزوّج من توأمه ولم يرضَ بتلك القسمة، ولحل تلك القضيّة هدى الله تعالى آدم إلى مخرجٍ ما، وهو أن يتقدّم كلاً من قابيل وهابيل قربانًا إلى الله والّذي يُقبل قربانه سينال مُراده فقام هابيل بتقديم حمل من أحب أنعامه أمّا قابيل فقد قدّم بعضًا من زرعه.
قبول قربان هابيل ومقتله
نزلت نارٌ فأكلت قربان هابيل علامة على قبول قربانه وتركت لقابيل قربانه علامة على عدم قبول قُربانه فغضب هابيل وقال لأخيه: لأقتلنَّك كي لا تنكح أختي فقال هابيل: إنّما يتقبّل الله من المتّقين، وكان هابيل رجلاً موفور الجسم والعقل وُهب الحكمة وآثر رضا الله تعالى وطاعة والديه راضيًا بقسمة ربّه وقد اشتعلت نار الحسد والغيرة والحقد في قلب قابيل فقام بقتل أخيه وهو نائم وبهذا يكون هابيل أوَّل من قُتل على سطح الأرض.
دفن قابيل لجثّة هابيل
لم يعرف قابيل كيف يُواري جثّة أخيه وقرّر أن يحمله في جراب على ظهره حائرًا ومضطربًا لا يعلم ماذا يفعل به إلى أن بعث الله تعالى غُرابين يقتتلان فقتل أحد الغُرابين نظيره، ثُم قام الغراب بعمل حفرة في التُراب بمنقاره ليُواري فيها جثّة الغرب الآخر ويخفيها تحت التّراب ومن هذا المشهد تعلّم قابيل متأثرًا ومُستشعرًا بشيء من الحسرة والندم، وقام بعمل حفرة كما صنع الغراب للغراب الآخر فحفر حفرة لأخيه دافنًا جثّته تحت التُراب ليُواريها من السباع وغيرها من الحيوانات.
الدروس والعِبر المُستفادة
- تظهر القصة كيف يُمكن للحسد والغضب أن يُفسدا العلاقات ويقودا إلى الجرائم حيث كان حسد قابيل لقربان أخيه هو الدافع لقتل هابيل.
- تُعلمنا القصة أن الله يقبل الأعمال ليس فقط بمُحتواها بل بصدق القلوب وتقواها وأنَّ قبول قُربان هابيل كان بسبب صدقه وإخلاصه وهو ما لم يكن عند قابيل.
- تُبيّن القصة أنَّ الإنسان يُمكن أن يتعلّم حتى من أقل المخلوقات مثل الغُراب الذي علَّم آدم كيفيّة دفن جثمان هابيل وهذا يؤكد على ضرورة أن يتعلَّم الإنسان من الجميع ومن مختلف المصادر.
- يُظهر قابيل كيف أدَّت المعصية إلى إطفاء نور البصيرة لديه وجعله يُقتل أخاه بينما يُظهر هابيل كيف أنَّ الحوار والنصح يُمكن أن سكونا سلاحًا للتعامل مع الموقف وأن النتيجة النهائيّة هي بيد الله وحده.